المصالحة في التشريع الجمركي الجزائري بين المبادىء و الواقع

Abstract

إذا كان المشرع الجزائري يعتبر إدارة الجمارك حامية الاقتصاد الوطني، فإنه لهذا السبب منحها من والآليات ما يراها كفيلة للقيام بمهامهما المنوطة بهاو على أحسن وجه في مجال مراقبة الأشخاص و البضائع ،ردعا لكل له مخالفة القوانين واللوائح المنظمة لسير عملها، أمام تبني الجزائر لسياسة الانتفاح الاقتصادي، الذي انجر عنه تزايد حجم المبادلات التجارية، غير أنه من جهة أخرى، خول لها في حدود معينة ووفق ضوابط محددة سلطة فض المنازعات وديا عن طريق المصالحة لاعتبارات معينة، خروجا عن القواعد العامة في نطاق المادة الجزائية. هذا الأمر مقرر من طرف المشرع، لكون المصالحة تحقق مصلحة إدارة الجمارك في تحصيل مستحقاتها، من ثم تمويل الخزينة العمومية بأسهل الطرق، ومن جهة ثانية تجنب الأشخاص المخالفين الآثار السلبية للمتابعة الجزائية، هذا ما يؤكد أن المصالحة تستند كأصل عام إلى فكرة إنسانية. و المؤكد أن المصالحة أصبحت تشكل نظام قانونيا قائما بذاته، يجنب الأطراف ذات الصلة معالجة الدعوى العمومية بصرف النظر الإجراءات القضائية، بحكم استنادها على إستراتيجية متكاملة ومستقلة، وهو ماجعل المشرع يخصص لها قواعد تحكمها، سواء من شروط تطبيقها، أو من حيث الإجراءات التنظيمية المتعلقة بها و الآثار التي ترتبها، مع الحرص على تقرير أحكام خاصة لها في مجال سير الدعوى العمومية. إن منح المشرع لإدارة الجمارك هذه المكنة، ليس بالأمر الاعتباطي، و إنما كان بناءا على جملة من الأسس ابتغى المشرع من خلالها تحقيق عدة أهداف، تعود بالنفع على الصالح العام من غير استثناء لمصالح الأشخاص المخالفين