موقف المدرس من الإصلاح التربوي

Abstract

ملية الإصلاح عملية ترتبط بأي مشروع أو عمل، إذ أن مخطط أي مشروع يجعل في اعتباره إمكانية التعديل، أو التغيير، لأن الأفكار والتصورات النظرية مهما كان ثراؤها وصرامتها لا يمكن أن تحيط بدقائق مسار العملية، فهي دوما تبقى في جزء منها لمصير مجهول، قد يكون في أحسن الحالات عدم تحقيق بعض الأهداف، وفي أسوئها فشل المشروع بالكلية. والمشروع التربوي الجزائري، منذ تأسيسه في 16 أفريل 1976 إلى يومنا هذا، لم تتوقف عملية الإصلاح التي تصاحبه، وذلك بالنظر إلى قوة المشروع ذاته، إذ أنه لم يكن مغلقا، أو محدودا من حيث التفكير أو التشريع أو الممارسة، وذلك ما نلمسه فعلا من خلال القراءة الفاحصة لمشروع التعليم الأساسي، بغض النظر عن الاصطلاح في التسمية (الأساسي أو القاعدي). لقد كان المشروع التربوي الجزائري في بعض جوانبه أكبر من أن ينفذ، لأن إمكانياته مفقودة، وفي بعض الجوانب الأخرى كان يفتقد الموارد البشرية القادرة على تجسيده وتنفيذه، وفي أهم الجوانب الأخرى بقي مفتوحا للنقاش والإصلاح، خاصة فيما يتعلق بالإشكالية المستمرة في المنظومة التربوية الجزائرية، إشكالية لغة التعليم، واللغات الأجنبية، هذا، إضافة إلى التربية التحضيرية التي بدونها يبقى الإصلاح التربوي الجاري صيحة في واد. ومهما كانت تصورات الإصلاحيين وآمالهم في تحقيق المشروع التربوي، إلا أن اكتشاف الميدان الذي يجرى فيه الإصلاح هو وحده الكفيل بالتنبؤ بنجاح الإصلاح أو فشله، لأن الصورة الصادقة التي يمكن أن تساهم في التنظير والنمذجة هي التي تنعكس مباشرة من الميدان الذي نتصور، وننظر ، وننمذج له. ولعل الصورة الواقعية التي يمكن أن تكون واضحة، ومعبرة عن صدى الإصلاحات التربوية، تلك الملموسة من خلال عناصر العملية التعليمية، والتي يعد المعلم من أهم العناصر المساهمة فيها، فعلى عاتق المعلم يعلق نجاح المشروع أو فشله مهما كانت أسباب الفشل! و هي صورة مأساوية يعيشها المعلم جراء الضغوط التي تحاصره، سواء من حيث التنفيذ الجامد للتعديلات الجديدة، أو من حيث تصوراته للمحيط الاجتماعي، ومكانته في المجتمع، والذي لم يجد من يتحمل همومه ونكباته سوى المعلم، وهو ما نلمسه من خلال هذه الدراسة.