المسؤولية المدنية و الضمانات الخاصة في بيع العقار قبل الإنجاز

Abstract

إن عقد بيع العقار قبل الإنجاز أو كما يسميه المشرع الجزائري بيع العقار بناءا على التصاميم يعتبر نوعا جديدا من البيع ، لم تعرفه الساحة العقارية في الجزائر لا من حيث الممارسة و لا من حيث التنظيم إلا في السنوات القليلة الماضية ، و ذلك بصدور المرسوم التشريعي 03/93 المتعلق بالنشاط العقاري المؤرخ في 1 مارس1993 و هو عقد متميز و يرتدي رداءا من الخصوصية ، تكمن في طبيعته القانونية التي إختلف بشأنها الفقه في فرنسا قبل ان يستقر على إعتباره بيعا تحكمه إلى جانب قواعد البيع بعض قواعد المقاولة الخاصة بالأبنية إضافة إلى قواعد أخرى ينفرد بها . كما يتميز عقد بيع العقار قبل الإنجاز بالمسؤولية و الإلتزامات الملقاة على أطرافه ، لا سيما البائع الذي يشترط فيه القانون الجزائري - خلافا للقانون الفرنسي - صفة المرقي العقاري. و يضاف إلى هذا تميز هذا العقد بما يفرضه على البائع من وجوب تقديم ضمانات للمشتري هي في الحقيقة ضمانات ألفناها في عقد المقاولة الخاص بالأبنية مثل الضمان العشري و ضمان حسن الإنجاز و ضمان حسن سير عناصر التجهيز و ضمان العيوب الظاهرة و هو ضمان ينفرد به دون غيره من العقود بما فيها المقاولة . و ككل نص تشريعي جديد ، فإن المرسوم التشريعي 93/03 المنظم لهذا العقد يحتوي الكثير من الفجوات و يعتري مواده بعض الغموض و النقص و أحيانا التعارض مع نصوص اخرى ، الأمر الذي دفعني إلى محاولة تفسيره عن طريق تقصي الحكمة من تقرير الأحكام المختلفة وبتقريب ومقارنة النصوص ببعضها و غالبا بالرجوع إلى مصدرها التاريخي المتمثل في القانون 67/3 و القانون 78/12 الفرنسيين المتضمنين على التوالي عقد بيع العقار قبل الإنجاز و مسؤولية المعماريين. و على إعتبار بيع العقار قبل الإنجاز عقد وثيق الصلة بالترقية العقارية التي تعتبر هي الأخرى مفهوما وممارسة جديدة بما شهدته من تطور و تغير في الأحكام ، فإني رأيت أن أمهد لهذه الدراسة بمطلب تمهيدي أتطرق فيه بعد إلقاء نظرة تاريخية على الترقية العقارية إلى تعریفها و بیان موضوعها و أشكالها و تقنياتها المختلفة علما أن عقد بيع العقار قبل الإنجاز يمثل أهم هذه التقنيات على وجه الإطلاق. و يرتدي في رأي موضوع المسؤولية المدنية و الضمانات الخاصة في بيع العقار قبل الإنجاز رداءا الأهمية ، فرغم أن بلادنا في أمس الحاجة الى تلبية الطلب المتزايد على السكن إلا أن المرقين العقاريين و أصحاب رؤوس الأموال لا زالوا مترددين في خوض غمار الترقية العقارية التي تمثل بالنسبة لهم نشاطا مجهولا و محفوفا بالمخاطر نتيجة حداثة عهد التشريع في بلادنا بهذا الموضوع . و من جهة أخرى فإن المستفيدين من السكن لا زالوا جاهلين بحقوقهم قبل المهندسين و المقاولين و أكثر من ذلك المرقين مما أدى إلى تفشي الرداءة في الإنجاز و عدم الإتقان و كل ذلك ينعكس سلبا على مظهر من مظاهر المدنية المعاصرة ألا و هو العمران و هذا بصرف النظر عن الأضرار التي تلحق أمن الأشخاص و إستقرارهم . و هذه الرسالة التي أقدمها اليوم للقراء والباحثين هي من طلائع الشروح للتشريعات العقارية و الترقية العقارية بصفة خاصة في بلادنا و لهذا فلا بد أن تكون بعيدة عن الكمال و ما أعجلني إلى البحث في هذا الموضوع إلا علمي بأن القصد نبيل و الغاية حميدة و أن الكمال لله وحده هذا وإذا كان التوفيق لم يحالفني في هذا المسعى فحسبي ما بذلت من جهد و ما قصدت من غاية.