الوسائل القانونية و المؤسساتية لحماية الغابات في الجزائر

Abstract

لايعني بتاتا حماية الغابات وضعها في متحف تحت حراسة مشددة ، فلا معنىللحماية من هذا النوع ، بل يجب أن تتكيف الحماية مع وظائف الغابة و علاقة الإنسان بهــا ، كما يجب أن تحدث هذه الحماية توازنا بين الفضاء الغابي و الفضاء الحيوي الاقتصادي الآخر، فالغابة مخبر للحياة المتحركة ( Dynamique). إن الحماية عمل دائم في الزمان والمكان و ليس حملات ظرفية مؤقتة و هـو ما يتطلب سياسة و تخطيط محكمين و مندمجين مع المحيط العام للمجتمع ، و هي هـــاجس كل البلدان الغابية فقيرة كانت أم غنية في الشمال أو في الجنوب إتضح من خلال هذا البحث أن جميع الوسائل مجتمعة كانت فعلا قاصرة وغير فعالـة في بلوغ أهداف حماية الغابات التي لا زالت عرضة للتدهور إن لم نقل الزوال ، فكان أولى أن نحمي ما هو موجود ثم نتجه إلى إعادة تشكيل ما ضاع ، لكن الواقع يثبت أن الثروة الغابية الموجودة تتآكل وتتناقص و هذا ما يعرض البلاد الخطر داهم و واقع لا مفر منه و الذي يتمثل في هلاك التربة الصالحة للفلاحة نتيجة الإنجراف والتصحر ونعني بالضبط أمننا الغذائي(Securité alimentaire) كما سنواجه نقصا كبيرا في المياه نتيجة توحل السدود من جراء عدم حماية الأحواض الإنحدارية ( Les bassins versants ) أضف إلى هذين العاملين التزايد الديمغرافي الهائل الذي ينجر عنه تفشي ظاهرة الفقر وما يترتب عنها من نتائج خطيرة تنعكس هــي الأخرى على تحطيم الغابات نظرا لاعتماد السكان على الحطب بدل مواد الطاقة الأخرى التيلم تعد في متناول الجميع إذا فالغابة هي الحل: قصد تكريس هذا الحل أقترح مراجعة قانون الغابات بإصدار تشريع غابي مناسب ومكيف مع باقي التشريعات الهامة الأخرى يأخذ بعين الإعتبار فائدة الغابــــة و فضائلـــها و علاقة الإنسان بها، فالغابات ثروة جماعية (Patrimoine collectif ) لفائدة الأجيال الحاضرة و القادمة التي يجب المحافظة عليها، و منه يجب أن نراعي وظائف الغابة الثلاثة الرئيسية: الإقتصادية، الإيكولوجية و الاجتماعية ، فيتعين على المشرع أن لا يضع حواجزا أمام تملكالغير للغابات و عدم إقتصار ذلك على الدولة فقط، لأن وجود هذه الغابات و كثافتها هـــــوالأهم، و منه ترك الحرية للخواص في تملك هذه الثروة، فلا مانع أيضا أن تكون الغابات ضمن الأملاك الوقفية عامة كانت أم خاصة، ذلك أني أعتقد أن خصوصية نظام الأوقاف يتناسب و خصوصية الغابات خدمة للصالح العام في الحاضر و المستقبل. قصد التخفيف و دعم حماية الغابات أقترح أيضا إصدار مجموعــــة مـــنالتشريعات لتدعيم حماية الغابات يتمثل ذلك بالأساس في تشريع الفضاءات الطبيعية الكبرى، كقانون الجبال، قانون الساحل، قانون السهوب و قانون المساحات المحمية على أن تكون كلها منسجمة فيما بينها و ذات هدف حمائي، إقتصادي، بيئي و إجتماعي. و نظرا لخطورة ظاهرتي التصحر و الإنحراف ببلادنا، نرى من المفيد جدا سن تشريع خاص بالتشجير و إعادة التشجير حتى تصبح هذه العملية دائمة و ملزمة إن حماية الغابات الجزائرية يكون بإتباع سياسة وقائية دائمة معإشراك السكان في المجهود الغابي في إطار المساهمة و المشاركة ضمن أسلوب حاكمية حسنة ( Une bonne gouvernance ) ثم السعي إلى الإنسجام و التنسيق مع باقي المتدخلين و على رأسهم الجماعات المحلية التي يجب أن تمتلك هي الأخرى الغابات ضمن الأراضي التابعة لها و هي معنية بالتوازن الطبيعي الذي تهدف بلادنا إلى تحقيقه. أقترح إعادة تفعيل كل الوسائل القانونية و التقنية المعطلة في مقدمتها المسح الغابي الجرد ، التهيئة التسيير العقلاني للموارد البشرية ، إشراك، ذوي الكفاءات العلمية و أصحاب الخبرة في التنظير والتصور البحث عن مصادر للتمويل الغابي وغيرها إلى جانب إعادة بعث الديوان الوطني للأشغال الغابية (ONTF) بتوسيع مهامه إلى الدراسات بهياكل مركزية و محلية ، لأني أستمر في الاعتقاد أن قطاع الغابات قد فقد فعلا أحد ركائزه الفاعلة ضمن السياسة الغابية كما فقد مهمة المرفق العام خاصة أن غاباتنا تتسم بالطابع الحمائي لتواجد معظمها بالجبال بمعنى أن أغلبها مخصص لحماية التربة و المياه و هو في نظرنا حماية حياة جميع المواطنينالجزائريين ، وهكذايتم الفصل بين السلطة العمومية ( la Puissance publique) التي تعود إلىالمديرية العامة للغابات أي الرقابة (le contrôle ) و التسيير (la gestion ) الذي يوكل إلى مؤسسة الأشغال، إلى جانب ذلك على الدولة أن تدعم البحث العلمي الغابي و عن طريقه السعي لتحسين وضعية التعاون الدولي في جميع مستوياته، كما يجب أن يكثف القطاع الغابي الجزائري تواجده في المحافل الدولية بهدف النجاعة والمشاركة في الإستراتيجية الدولية لحماية الغابات الكونية وهذا بدعم إنشاء منظمة دولية للغابات و وضع إتفاقية دولية لهذه الثروة المهددة عالميا بالتلف والزوال.