الطبيعة القانونية للإتفاقات المبرمة خلال مرحلة التفاوض وآثارها

Abstract

إن العقد في حياتنا العامة هو حقيقة دون إنكار الركيزة الأساسية التي تبني عليها جميع المعاملات و التصرفات المختلفة خاصة المالية منها وعلى كل المستويات محلية منها أو دولية, فهو الذي ينشئ أغلب الحقوق و الالتزامات, لذا أصبح العقد يحتل الاهتمام الكبير في مختلف الأنظمة القانونية وذلك بتنظيم أحكامه بدقة وجعله المصدر الأول للالتزام, وقد أعطى الفقه لكل مراحل إبرام العقد وحتى مرحلة تنفيذه العناية الكافية وخاصة المرحلة التي تسبق مرحلة التعاقد و هي ما تعرف بمرحلة التفاوض على العقد نظرا لأهميتها البالغة في بناء العقد و تكوينه وحتى مرحلة تنفيذه. وفيما مضى كان العقد يتم إبرامه بكل بساطة, بساطة الحياة اليومية و قبل إبرام العقد لم يكن الأمر يتعدى مجرد المساومة على الثمن خاصة في عقود الاستهلاك اليومي, غير أنها أصبحت أكثر تعقيدا مع العقود المركبة التي أنتجت أساليب حديثة في التعامل, نظرا للتطور الهائل في شتى الميادين و التي أثرت على العقد و بنيانه من تعقيد و تركيب موازاة مع المشاريع العملاقة التي تقوم بها شركات كبيرة وحتى متعددة الجنسيات, وهذا بمعالجة أمورا غاية من الصعوبة و التعقيد فنيا و قانونيا, و بالتالي تتضمن مخاطر اقتصادية شديدة بالنسبة لأطرافها, لدا أصبح من غير المعقول إبرام هذه العقود بسرعة ومن أول اتصال أي بمجرد تبادا الإيجاب و القبول, بل أصبح من الضروري أن يسبق إبرامها مرحلة من المفاوضات و التي قد تكون شاقة, و التي تستغرق أحيانا زمنا طويلا قد يصل لعدة سنوات, وهذا بمصاريف و نفقات باهظة لكل جوانب التفاوض الفنية و الاقتصادية و المالية و الإئتمائية و القانونية, وهذا لمناقشة و تبين شروط العقد و البحث عن مصادر التمويل و التأمين و طرق التنفيذ ...الخ.