ضمانات الأسير بين القانون الدولي الإنساني و الشريعة الإسلامية

Abstract

إن اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب المؤرخة في 12 أوت 1949, تمثل بحق أحدث و أكمل قانون يحمي البشرية من الكثير من الويلات و الآلام أثناء النزاعات المسلحة, وتجسد نظاما قانونيا متكاملا قابلا على كافة فئات المقاتلين, ومن ثم يضفي حماية تامة لأسرى الحرب على وجه الخصوص. إن اتفاقية جنيف الثالثة التي تناولت بإطناب مسألة أسرى الحرب تعد استنادا طبيعيا لاتفاقية 27 جويلية 1929 بشأن معاملة أسرى الحرب, فهي كما يقول الأستاذ الدكتور عمر سعد الله : إنها فتحا جديدا في مجال القيم الأخلاقية و الحقوق الإنسانية, و نصوصها من حيث المبدأ تشكل طموحا عميقا للإنسان لانطوائها على مبادئ إنسانية ومثل عليا أملتها الأعراف الدولية و الشرائع السماوية و الضمير الإنساني. الحديث عن الضمانات المقررة لأسير الحرب يؤدي بنا في بداية الأمر و بالضرورة إلى توضيح إشكالية تحديد مفهوم الأسير من خلال الوقوف على التطور التاريخي لمعاملته و تمييزه عن الفئات المشابهة له, و بيان فئات الأسرى و الفئات الممتدة لهذا الوصف فإن فعلنا انتهينا إلى تحديد محتوى هذه الضمانات العامة المقررة لأسير الحرب عند و أثناء و بعد الأسر أما الضمانات الخاصة فرأينا معالجتها من خلال ما يجب توفيره لسلامة تنفيذ اتفاقية جنيف الثالثة على الصعيدين الداخلي و الدولي, وما ينعكس عنها من مسؤولية دولية يترتب عنها الجزاء فضلا عن الضمانات القضائية بوجه عام. و محاولة لإسقاط الضمانات المقررة لأسير الحرب و الواقع العملي, سنعمل على معالجة تلك الضمانات انطلاقا من فكرة تطابق نصوص اتفاقية جنيف لعام 1949 و واقع الحال, من خلال تطبيق أحكام الاتفاقية في مجال العمل الدولي, ومدى انطباق محتواها على الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية, و أسرى غوانتنامو, و نظرا لإشكالات المفرزة عن الحرب الأخيرة على العراق رأيت ضرورة معالجة مسألة أسرى هاته الحرب من خلال المعاملة الدولية المزدوجة, و التي تظهر من خلالها مخالفة دول التحالف لالتزامها الدولية, و كبح و تقييد العمل الدولي لاسيما التناقض الأمم أمام الهيمنة الأمريكية, وشلل دور المنظمات الدولية, وتراجع دور الدولة المحايدة.