الاجرام الدولي الالكتروني

Abstract

من خلال دراسة نشأة و تطور التقنينات و التشريعات الجنائية، يبدو لنا أن كل جريمة هي في أصلها اعتداء و سلوك منحرف و أن كل اعتداء و سلوك منحرف مصيره لا محالة التجريم. و أن المجرم سواء كان فردا أو جماعة أو منظمة، وسواء مورس الإجرام من طرفهم بصفتهم الرسمية أو بصفتهم أشخاص طبيعيين، فإنهم في كل مرة يختارون لإجرامهم أفضل الطرق لما يمكنهم من تحقيق نتائجهم الإجرامية كاملة و من الإفلات من العقاب. و إذا كان المشرع الوطني أو الدولي، في حالة الجريمة الدولية، يسعى دائما إلى ملاحقة هؤلاء المجرمين بسن قوانين تجرم أفعالهم و من ثم معاقبتهم فإنهم يلجئون دائما إلى تغيير طرق ارتكاب إجرامهم بما يحول دون ذلك. هذا يعني أنهم يجتهدون في إيجاد صور جديدة للإجرام. و فيما يخص الإجرام الدولي، فإنه بعد ما بذلت الهيئات الدولية جهودا معتبرة طيلة قرن من الزمن و انتهت إلى حد ما إلى بلورة بعض الأفعال و وصفتها على أنها جرائم دولية، و كان ذلك في ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لاحت في الأفق صور جديدة للإجرام ضاربة هذه الجهود عرض الحائط. و من بين ما تتمثل فيه هذه الصور، هي الاعتداءات الالكترونية، حيث طغى فيها الوصف على الفعل في حد ذاته إلى درجة لم تعد تفي عبارة منع الجريمة بجميع صورها و أشكالها" التي احتوتها بعض النصوص الدولية بشأن ذلك. و لذلك تقوم ضرورة التصدي لهذه الاعتداءات عن طريق احتوائها ضمن نصوص خاصة لما صار لها من إمكانية تشكيل جريمة دولية بنفس الخطورة أو أكثر و مع ما يتوفر من ظروف تسمح بهذا التجريم. غير أنه تعترض ذلك صعوبات موضوعية ترجع إلى الخصوصية التقنية لهذا النوع من الإجرام أسفرت عن صعوبات في المعالجة القانونية لها، لا سبيل إلى تجاوزها من غير إقامة تعاون دولي جدي، الشيء الذي ليس من السهل تحقيقه نظرا لما في هذه المسألة هذه المرة من جوانب حساسة و متميزة.