جرائم المخدرات في التشريع الجزائري

Abstract

تفاقمت مشكلة المخدرات و المؤثرات العقلية في السنوات الأخيرة تفاقما كبيرا على الصعيدين الوطني و الدولي، وامتدت أضرارها اللامتناهية إلى الفرد و الأسرة و المجتمع، بل و المجتمع الدولي بأسره. من أجل ذلك جندت أغلب دول العالم لمواجهة شبح المخدرات عن طريق إصدارها لعدة اتفاقيات دولية في هذا المجال، إضافة التشريعات الوطنية، أرست فيها كافة المبادئ القانونية التي تجرم مختلف صور التعامل في المخدرات، وقصر استخدامها على الأغراض الطبية و العلمية ومنع تسربها للاستعمال غير المشروع ومكافحة غير المشروع بهاو و علاج الإدمان عليها. و الجزائر باعتبارها جزء من هذا المجتمع الدولي، فقد انتهجت منذ استقلالها موقفا حازما اتجاه هذه الظاهرة، وذلك بإصدارها لعدة قوانين كان آخرها القانون 04/18 المتعلق بالوقاية من المخدرات و المؤثرات العقلية وقمع الاستعمال و الاتجاه غير المشروعين بها ، وكذلك الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية في هذا المجال. وتأتي هذه الدراسة في سياق الجهود المبذولة في سبيل مكافحة ظاهرة المخدرات، لما لها من أثار سلبية على مختلف الأصعدة الاجتماعية و الصحة و الاقتصادية و حتى الأمنية و السياسية، كمحاولة بحثية منهجية من أجل إبراز أولا العلاقة التي تربط بمختلف صور الإجرام، وثانيا لتجديد الإطار القانوني لجرائم المخدرات من حيث التجريم و العقاب من اجل الوصول في الأخير إلى تصور يقي من مخاطرها. وقد رأينا من الضروري التطرق خلال هذه إلى العلاقة التي تربط المخدرات بالإجرام، وحتى يتسنى لنا معرفة هذه العلاقة سنسلط الضوء أولا على تحديد ماهية المخدرات و المفاهيم المرتبطة بها ، وذلك عن طريق تعريفها و تبيان أنواعها، و على المصطلحات في مجال الحديث عن المخدرات لان تحديد المفاهيم هو شيء رئيسي من اجل فهم الموضوع، كما وجب البحث أيضا عن كيفية تأثير المخدرات على السلوك الإجراميين ولا يكون ذلك إلا من خلال معرفة العوامل المؤدية إلى تعاطي المخدرات، و كذلك الآثار التي تحدثها، لنصل بعد ذلك لمعرفة نوع العلاقة التي تتصل بها المخدرات بالجريمة. بعدها تطرقنا إلى كيفية تأثير تعاطي المخدرات على المسؤولية الجزائية ، و موقف المشرع الجزائري من ذلك. ولنصل بعد ذلك إلى الجزء الثاني من هذه الدراسة ، و الذي حاولنا من خلاله تحديد الإطار القانوني لجرائم المخدرات حتى يتسنى لنا معرفة الكيفية التي انتهجها المشرع الجزائري لتصدي لهذه الظاهرة،و ذلك بتحديد أركان هذه الجرائم بعدها تعرضنا إلى طرق التحقيق من أجل الكشف عنها، ولنصل بعد ذلك إلى التحدث عن العقوبات و التدابير الوقائية المقررة لجرائم المخدرات كوسيلة من وسائل المكافحة. وفي الأخير نصل إلى أهم شيء، وهو انه رغم هذه العقوبات المشددة التي أقرها المشرع الجزائري من اجل التصدي و محاربة ظاهرة المخدرات إلا أنها لم تحقق الهدف الذي و جدت من اجله، لذلك اقترحنا في نهاية البحث جملة من المقترحات التي في اعتقادنا إلى جانب هذه العقوبات إن لم نقل على القضاء على هذه الظاهرة فعلى الأقل الحد منها.