التعويض عن الضرر المعنوي في ضوء أحكام المسؤولية المدنية

Abstract

يعد الضرر الركن الأساس في المسؤولية المدنية، فمن التشريعات من أقامت المسؤولية المدنية على هذا الركن، والبعض الآخر أقامها على ركن الخطأ، وأيا كان شكل الضرر فيستحق المتضرر تعويضا سواء كان الضرر ماديا أو معنويا، ولا يثور الإشكال إذا تعلق الأمر بالضرر المادي أما إذا كان الضرر المعني هو الضرر المعنوي فإن هناك عوائق كثيرة تثور بشأنه تتعلق أساسا بمدى قابلية التعويض عنه وكيفية تقديره وسلطة القاضي بشان تقديره والأشخاص المستحقين له إلى غير ذلك من المسائل المتصلة به نظرا لكونه يتعلق بحق أو مصلحة غير مالية. وإذا كان مبدأ التعويض عن الضرر المعنوي قد استقر في جل التشريعات الغربية وحتى العربية بما فيها التشريع الجزائري، فغن الوصول غلى الأخذ بهذا المبدأ لم يكن بالسهولة بمكان كون هذا المبدأ تجاذبه رأيان في الفقه، رأي يرفض الأخذ بهذا المبدأ ورأي آخر يرى بضرورة التعويض عن الضرر المعنوي وكان لكل رأي حججه ومبرراته التي يستند عليها لتدعيم رأيه، غير أن الترجيح كان للرأي الذي يرى بوجوب الأخذ بمبدأ التعويض عن الضرر المعنوي كون ترك مثل هذا النوع من الضرر دون تعويض من شانه فتح المجال للأشخاص للتعدي على أعراض الناس وسمعتهم. كذلك نجد أن الفقه وغن اختلف في الأخذ أو عدم الأخذ بمبدأ التعويض عن التعويض عن الضرر المعنوي، فإنه اختلف كذلك في تحديد طبيعته القانونية بين نظريتين، نظرية العقوبة الخاصة ونظرية الترضية، فنظرية العقوبة الخاصة ترى بان مرتكب الفعل الضار يكون مسؤولا من قبل الدولة و يكون جزاؤه عقوبة توقع عليه من قبل المجتمع جزاءا وردعا له، غير أن هذه النظرية انتقدت على أساس أن هدف المسؤولية المدنية هو الإصلاح وليس الانتقام، في حين أن نظرية الترضية ترى بأن وظيفة التعويض هي إصلاح الضرر لا معاقبة المسؤول، وهذه النظرية الصائبة لتحديد الطبيعة القانونية للتعويض عن الضرر المعنوي.