العلاقة بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان

Abstract

إن طبيعة المجتمعات البشرية تجعلها في حاجة إلى الاستقرار الجماعي الذي يتحقق من خلال إفراز قواعد تدعو الجماعة الدولية إلى عمل شيء أو الامتناع عن فعل، و ذلك في ظروف معينة قصد الوصول إلى تحقيق الحد الأدنى من التطابق بين سلوك الأفراد ودرجة التزامهم. ونظرا لما تعرضت له الإنسانية من حروب خلفت وراءها أبشع أنواع الجرائم ضد الإنسانية، تولد لدى الضمير العالمي الاعتقاد بضرورة ضمان حقوق الإنسان وكفالتها باتفاقيات دولية ملزمة لجميع أعضاء المجتمع الدولي. ومن هنا ظهرت مجموعة من القواعد القانونية الدولية انبثقت عن القانون الدولي العام تهدف إلى حماية حقوق الإنسان و تنظيم العلاقات الدولية في حالتي السلم و الحرب، ففي حالة السلم ظهرت قواعد كان يطلق عليها قواعد السلام، و استقر الفقه الحديث على تسميتها بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، تطبق في حالة السلم و يمكن أن يستمر تطبيقها حتى في حالة الحرب، إما في حالة نشوب نزاع مسلح تتحرك قواعد أخرى كان يطلق عليها قواعد الحرب و اعرفها، وتسمى في الوقت الحاضر قواعد القانون الدولي الإنساني و التي ظهرت نتيجة تطور المفاهيم الإنسانية و الرغبة في التخفيف من الآثار المدمرة للحرب. ولكن المتتبع لهذين الفرعين من فروع القانون الدولي العام يلاحظ أن الفرع الأول أي القانون الدولي لحقوق الإنسان قانون عام يطبق في جميع الظروف على الرغم من أن الواقع اثبت صعوبة تطبيقه زمن الحرب، في حين أن القانون الدولي الإنساني يبدو قانونا خاصا بظرف النزاع المسلح، و لكن بالرغم من ذلك فإنهما يشتركان في الغاية، و هي أن كلا منهما يهدف لتحقيق غرض مشترك، ألا و هو حماية القيم الإنسانية السامية و صيانة حقوق الإنسان و الحفاظ على كرامته في كل الظروف.