وفيات الرضع في الجزائر حسب المنطقة السكنية

Abstract

عرفت نسب وفيات الرضع ارتفاعا خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في كل البلدان، إلا أنها انخفضت بشكل كبير منذ الخمسين سنة الماضية، خاصة في المصنعة. وشهدت الدول النامية أيضا هذا الانخفاض لكن بفوارق كبرى، والدليل على ذلك أن معدلات وفيات الرضع في التسعينات، كانت الدول المتطورة قد حققتها في الخمسينات. نتج هذا عن تشابك عدة عوامل، أهمها التخلف وفقر البيئة المحلية، كما أن كثيرا من هذه الدول تفتقر إلى الأرقام الدقيقة لقياس المستوى العام للوفيات. يضاف إلى ذلك وجوه التفاوت التي لا تزال كبيرة داخل هاته البلدان "حسب المناطق والجهات ". والجزائر كبلد ،نامي قطعت شوطا كبيرا في ميدان الصحة وشكلت وفيات الرضع أهم الأهداف في سياستها الصحية ونظرا لارتباط تعريف السياسة الصحية بمنطق سوسيو اقتصادي لنظام العلاج فإن السياسات التي كانت قد تبنتها الجزائر ( بناء الهياكل الصحية سياسة الطب المجاني، ليبيرالية العلاج ...) لم تستجب لمتطلبات السكان وقد علق أحــد المختصين قائلا أن الجزائر في بداية التسعينات رجعت 25 سنة للوراء. أكد هـذا القول تقرير خص صحة الأم والطفل سنة 1997 قام به المجلس الوطني الاقتصادي والاجـتماعي (CNES)، حيث بين فيه اللامساواة في توزيع المطبقين والمختصين و البنى الصحية على مناطق الوطن، خصوصا الوسط الريفي أين 50% من العائلات تفتقر إلى بنية صحية. لهذا فإن تحسين الحالة الصحية للسكان يتطلب أيضا تطوير إستراتيجية تدمج القطاعات الأخرى لتنتقل التغطية الصحية من الإسعافات الصحية الأولية إلى التركيز على التربية الصحية الوقائية. يجب أن تدمج هذه الإستراتيجية في إطار نظام صحي جزائري يبتعد عن التبعية للنظام الفرنسي الذي لا يتلاءم والمحيط السوسيو اقتصادي الجزائري. ومنه السعي إلى تحسين المستوى المعيشي للأفراد الذي يزيد في أمل الحياة . هذه العلاقة يجب أن يواكبها تغيير في العادات والتقاليد و نمط الحياة، فمفهوم الصحة لا يعني الصحة الجسدية فقط بل يعني تحسين الوضعية الاجتماعية والثقافية. ونظرا لأهمية ظاهرة وفيات الرضع كمقياس لمستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي وكمؤشر لنوعية خدمات صحة الأم والطفل، بات من الضروري دراسة هذه الظاهرة، قصد إبراز أهم العوامل المؤثرة فيها وإثراء لهذا النوع من البحوث الديمغرافية وتقديم بعض التوصيات التي قد تكون مفيدة. وجدنا أن هذه الظاهرة تتأثر بعدة عوامل " ديمغرافية، سوسيو ثقافية، سوسيو اقتصادية - أو طبية ... "، ولكن بدرجات متفاوتة. غير أن الشيء الثابت هو أنّ الخلل بين الحضر والريف مزال يسجل وبفوارق كبيرة جدا في بعض الأحيان. لهذا جاءت دراستنا لتستعرض أهم هذه العوامل حسب ما سمحت به معطيات المسح الوطني الخاص بصحة الأم والطفل (92 EASME)، الذي لم يفتح لنا مجالا واسعا في التحليل، ذلك لأن العينة المدروسة صممت في واقع الأمر لفحص المستوى الصحي لكل من الأم والطفل وليس لقياس ظاهرتي الولادات ووفيات الرضع، يضاف إلى ذلك نقـ المعطيات في الجزائر على الشكل الذي يجعلنا نفحص الأطر النظرية، التي توصل إليها الباحثون في مجتمعات أخرى. كما نشير إلى أننا لم نستطع أن ندرس كل العوامل بشكل جيد نظرا لضعف حجم العينة. مما يؤدي في بعض الأحيان إلى نتائج عشوائية حتى وإن وافقت المعيار النظري. يضاف إلى هذا أنه كان بإمكاننا التعمق في جوانب أخرى لو كان حجم العينة كبيرا. و من خلال هذه الدراسة المتواضعة ارتأينا أن تقدم بعض التوصيات التي قد تكون ذات فائدة. - الاهتمام بوضع سياسات وبرامج صحية تتلاءم والواقع الجزائري تؤدي إلى خفض أكبر لمعدل وفيات الأطفال والرضع والتركيز وبوجه خاص على تقليل الفروق بين المناطق (الحضر والريف). من عادل التوزيع العادل للهياكل (المستشفيات المراكز الصحية... والإطارات (أطباء ...) - تحسين البيئة داخل المنازل وفي الأماكن المحيطة بها. زيادة الوعي بأهمية الالتزام بالجدول الزمني لتطعيم الأطفال، وتشجيع النساء على الإقبال خدمات الرعاية الصحية قبل الولادة بصورة منتظمة وليس المجرد ظهور مشاكل صحية، وزيادة معدل تطعيم النساء الحوامل عند التيتانوس بصورة خاصة.