العدد وكنايته في القرآن الكريم

Abstract

لم تكن الحياة الاجتماعية و الثقافية عند العرب لتبلغ ما بلغت إليه من رقي- بعد أن كان أهلها يتخبطون في شراك جاهلية عمياء- إلا بعد نزول القرآن الذي رسم لها معالم الدين و الدنيا, وحين نزول دستور هذه الأمة تشاغل العرب به إذ شمر الأوائل منهم عن سواعدهم يتعهدون بتفسير ألفاظه وبيان أحكامه و أعقبهم آخرون غياري تناولوا نصه بالضبط إعرابا و إعجاما, بعد أن ألفوا في ألسن المسلمين الجدد زيغا عن صواب القراءة نظر لاتساع رقعة لاتساع رقعة الإسلام و اعتناق الأعاجم له وقد اصطلح علماء العربية على هذه الظاهرة ب "اللحن" و يمكن اعتبار هذا سببا رئيسيا في قيام الدرس اللغوي العربي. وعلى إثر ذلك عكف علماء العربية على خدمة القرآن وصونه من اللحن وقد بدا ذلك جليا في ثنايا مؤلفاتهم التي ألفت في هذا الشأن, فكان تركيزهم منصبا في المقام الأول على دراسة الأصوات باعتبارها أول ما تطرق إليه اللحن من جهة و أول مستويات اللغة من جهة ثانية وموازاة مع ذلك لم يهملوا دراسة باقي الجوانب اللغوية الأخرى. و مع مرور الزمن بدأت تظهر إلى الوجود مصنفات تخدم القرآن في حد ذاته و ليس مجرد الحفاظ عليه من تطرق اللحن إليه فشتان بين الحفاظ على القرآن و دراسته... فكان منها: مؤلفات في الغريب وأخرى في المجاز وأخرى في المعاني كبداية أولى. و إلى عصر غير بعيد ظهرت مؤلفات تناولت دراسة بلاغته و إعجازه دراسة ثرية و معمقة نابعة من روح العربية بالدرجة الأولى ومن روح الإسلام ثانية و توالت التأليف في هذا المجال خاصة إلى يوم الناس هذا. ولاشك أن الداعي لمثل هذا النوع من الدراسة و التأليف ما ميز آيات الذكر الحكيم من روعة بيان و فصاحة ألفاظ وتراكيب وحسن نظم و ائتلاف وآية فصاحة وبيان و قد أنزلت آياته بلسان عربي غير ذي عوج.