تطور نص الخطابة في العصر الأموي

Abstract

لا يختلف اثنان في كون الخطابة من أبرز الفنون النثرية و أوسعها مجالا للتعبير, عرفت منذ أول عصر يؤرخ لنشأة الأدب –العصر الجاهلي-فلم تكن تخلو قبيلة من خطيب, خاصة وأن البيئة بيئة مفاضلات ومنازعات و منفرات يقابل ذلك الصلح, وفيها تظهر ملكات العرب البيانية, من فصاحة وحضور بديهة. وهي كذلك في العصر الاسلامي مع اكتسابها لمعاني دينية إسلامية تناسب مقتضى الحال. إلا أنها عرفت تطورا بالغا في العصر الأموي لاسيما الخطبة السياسية و إن كنا لا تستطيع فصلها عن الناحية الاجتماعية, فهي وليدة تمخض المجتمع في تيارات متضاربة, أنتجت خطباء مفوهين, بإضافة إلى مواهبهم البيانية هناك دوافع قوية أخرى كمعارضة الخلافة هل تقتصر على بني أمية أم تكون حقا شائعا للمسلمين جميعا أو ترد إلى بني هاشم و أبناء علي خاصة أو تكون حقا للعرب فلا تختص بها قريش... فكرت الأحزاب السياسية, مما أدى إلى نشاط واسع في الخطابة, وازدهار هذا الفن و تعدد الخطباء. إذا الخطبة أداة تعبيرية جد مهمة لا يمكن التخلي عنها- حتى في عصرنا الحالي-لاسيما إن كانت الظروف مهيأة لازدهارها, في أبرز وسيلة وأداة للتعبير النثري إلى جانب الشعر, يقول الجاحظ: " كان الشاعر أرفع قدرا من الخطيب وهم إليه أحوج لردة مآثرهم عليهم و تذكيرهم بأيامهم, فلما كثر الشعراء, صار الخطيب أعظم قدرا من الشاعر" وملاحظة الجاحظ هذه تنطبق على العصر الأموي خاصة, ووجود مادة ثرية جدا في هذا الباب-باب في الخطابة في العصر الأموي- حفزني لدراسته و اكتشاف العوامل الداخلية و الخارجية التي جعلته يرتقي إلى هذه المكانة, و أقصد بالعوامل الداخلية نص الخطبة وما اختص به من مميزات جعلته يختلف عنه في العصرين السابقين- الجاهلي و صدر الإسلام- وهذا يظهر الجانب البلاغي في الدراسة .أما العوامل الخارجية فهي الظروف المحيطة بنص الخطبة فجعلته يتوجه توجهات لم يعرفها إلا في العصر الأموي و تخص بالذكر التوجه السياسي على وجه التحديد-إضافة إلى الظروف الاجتماعية و الفكرية و الدينية.