Résumé:
لقد ساهم التقدم التقني والتكنولوجي في تفعيل وتيرة التحقيقات الجنائية من خلال تقديمه لنا البصمة الوراثية كدليل علمي في ميدان الإثبات الجنائي، وقد كانت بمثابة عقد قران مابين العلم والقانون.
وبالرغم من الحجية الثبوتية الدامغة للبصمة الوراثية والمستمدة من الاختبارات العلمية والتقنية ودورها الهام في الكشف وإظهار الحقيقة، من خلال تقديمها دليلا لإثبات الجريمة وإسنادها المادي والمعنوي إلى المتهم، بل كانت في بعض الحالات الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا المقصد، إلا أن دورها بقي عقيما مع تشبث المشرع في إخضاعها لمبدأ الإقناع الشخصي للقاضي الجنائي وسلطته التقديرية.
وهو ما قد يتعارض أو يتنافى إلى حد كبير مع المنطق العلمي والذي يقتضي أن الحقائق العلمية تفرض ما تضمنته من نتائج على العقل البشري.
ومن جانب آخر فإن استخدام البصمة الوراثية في ميدان الإثبات الجنائي اصطدم بالمساس ببعض الحقوق والضمانات المكرسة للأفراد على هذا المستوى، مما شكل في حد ذاته سببا وجيها للتجريم من جهة وأداة يتم بها لدحض والطعن في قيمتها وحجيتها، وهو ما يبرز لنا مدى الحاجة لتحديد المصلحة الأولى بالرعاية على هذا المستوى وضرورة إقامة موازنة ما بين حماية الحقوق والحريات الفردية وضمان عدم انتهاكها من جهة، وهدف تحقيق العدالة ومصالح الجماعة من جهة أخرى.