Résumé:
ان التحولات والتغيرات الاجتماعية والثقافية السريعة التي يشهدها العالم في عصرنا الحديث في شتى مناحي الحياة وفكرة العولمة والانفتاح الذي تجلى، جعل البشرية تعيش كثيـرا مـن الجوانـب الإيجابية، وبالمقابل أفرزت جوانب سلبية تشكل خطرا حقيقيا يهدد أمن وسلامة المجتمعات، فمن بينها والتي أصحت تهدد المجتمع ظاهرة مجهولي النسب والتي هي نتاج لظاهرة أعـم وأشـمل ألا وهـي ظاهرة الانحراف خاصة إذا علمنا أن ظاهرة مجهولي النسب هي في تزايد مستمر مما دفع بالمختصين إلى دق ناقوس الخطر ومحاولة البحث والإسهام في إيجاد الحلول لها.
ومن خلال دراستنا هذه والمعنونة بعنوان "مجهولي النسب وإشكالية الاندماج فـي المجتمـع " نحاول معرفة أهم الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى اندماج هذه الفئة من عدمه، وقد ركزنا على أهمية الأساليب التنشيئة المعتمدة في مراكز الطفولة المسعفة وإسهامها في اندماج مجهولي النسب بالإضـافة إلى قابلية اندماجهم في المجتمع وكذلك دور هذا الأخير (المجتمع) في اندماج هذه الفئة .
ن للتنشئة الاجتماعية دور هام في حياة الفرد والمجتمع، فهي تعد من أهم العمليات الاجتماعية وأخطرها في حياة الفرد لأنها توفر له الدعامة الأولى التي ترتكز عليها مقومات شخصيته، والتنشـئة تهدف إلى تحقيق تكيف الفرد مع البيئة الاجتماعية التي ينتمي إليها، وبما أن مجهول النسب هو فـرد في المجتمع له كل الحقوق وعليه كل الواجبات فإن المجتمع أقر له بديل عن الحرمان الذي لحق به من خلال توفير الرعاية والاهتمام به في مراكز خاصة معدة لهذا الغرض، ومجهول النسب شأنه شأن بقية أفراد المجتمع، فهو بحاجة ملحة إلى تنشئة اجتماعية سوية تعوض عنه فقدان الأسرة وكنف وأحضان دفئ الوالدين.
ويمكن القول أن التنشئة الاجتماعية لا تتم إلا بوجود مؤسسات تكمـل إحـداها الأخـرى وأن المجتمع قام بوضع بديل مكان الأسرة لفئة مجهولي النسب تمثل في الأسر البديلة والمراكز المختصـة في حالة تعذر وجود أسر تتكفل بهم، كما أن لهم الحق في التربية والتنشئة الصحيحة والسوية بهـدف الاندماج والمشاركة في المجتمع العام.
لقد أحاطت الشريعة الإسلامية والقانون الجزائري مجهولي النسب بكـل الرعايـة والاهتمـام والعناية من ولادته إلى بلوغ سن الرشد، بتوفير كل ما يؤهله على الاندماج في المجتمع، بداية باعتباره ضحية في ذنب ليس هو مسؤول عنه، فأقرا له سبل العيش الكريم من خلال إعطائه كل الحقوق التـي يتمتع بها الفرد العادي في المجتمع .
ومن خلال النتائج الميدانية تبين أنه لتنشئة هذه الفئة تنشئة سليمة متمتعة بشخصية قوية قـادرة على مواجهة متاعب ومصاعب ومستجدات الحياة وبالتالي القدرة على الاندماج في المجتمع، لابد على المراكز اتباع أساليب النصح والموعظة والقدوة والابتعاد قدر الإمكان عن أساليب القسوة والسـيطرة والإهمال واللامبالاة، ذلك أن قابلية مجهولي النسب للاندماج في الوسط الاجتماعي تنطلق مـن هـذه المراكز، كما أن للمجتمع وباختلاف مؤسساته وباعتباره الوعاء الذي تلج فيه هذه الفئة بعد سن الرشد يعتبر بالأهمية بما كان من خلال إكماله لدور المركز في عملية الاندماج الاجتماعي لمجهولي النسـب وذلك يتمثل في توفير العمل والسكن والزواج لهذه الفئة وبالتالي التقليـل أو القضـاء علـى إمكانيـة انحرافها في المجتمع.