Résumé:
لقد شرف الله سبحانه و تعالى اللغة العربية بحمل الخطاب القرآني فسخر لها علماء يهتمون بدراستها للوقوف على إعجازه و إسراره التي لا تنتهي, من بلينهم نذكر أبا الأسود الدؤلي الذي وضع النقط على الحروف فسميت نقط الإعراب, ثم جاء بعده نصر بن عاصم و يحي بن يعمر فوضعا نقط الإعجام للتفريق بين الحروف المتشابهة.
وجاء من بعدهم الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي طور أبي الأسود فوضع علامات الإعراب المعروفة اليوم وهي الضمة و الفتحة و الكسرة, كما وضع السكون و تذوق الحروف العربية بمعرفة مخارجها و بعض صفاتها, وجاء من بعد تلميذه سيبويه و أدخل تعديلات على المخارج و أضاف صفات جديدة على ما وضعه أستاذه الخليل.
وكانت هذه بوادر الدراسات الصوتية القديمة علما أنهم أخلطوها مع الدراسات النحوية و البلاغية و المعجمية و الصرفية, إلى أن انفصل الدرس الصوتي و أصبح علما قائما بذاته, ولا تزال الدراسات الصوتية قائمة إلى يومنا هذا , وعلى هذا ارتأينا أن ندرس سورة من سور القرآن الكريم وهي سور القيامة, بإحصاء صفاتها فلاحظنا ارتفاع بعض الأصوات منها : المهجورة و البينية و أصوات القلقلة و الانحراف في حين انخفضت بعض الأصوات منها المهموسة و الرخوة و أصوات الصفير و غيرها, فكان ذلك دالا على العلاقة الوطيدة بين الأصوات و الدلالة الكلية للسورة , فوافق هذا الارتفاع شدة أهوال يوم القيامة مع ارتفاع لهجة التهديد و الوعيد للإنسان الكافر الذي تفرد بحب الدنيا تاركا وراءه الآخرة, أما انخفاض بعضها فراجع إلى لمسة الرحمة و العناية اللتين خص بهما نبي الرحمة.
أما فواصل السورة فقد بلغت ست وثلاثون منها أربع مكررة ما ساعد على تقوية المعنى و تأكيده وقد أحدثت جرسا موسيقيا عذبا و متنوعا مما ساعد على استمرار وقوع الإيقاع العام للسورة في نسق صوتي متجانسا أطرب الآذان و أخشع القلوب.